الثروة المهدورة
بقلم: أسماء سليم
لو أن أحدهم حصل على ثروة مالية باهضة الثمن؛ لبذل في سبيل الحفاظ عليها جل فكره وجهده، ولعنى بها فائق العناية، وبحث في أوجه تنميتها وزيادتها في الشرق والغرب. ومع أن معظم البشر يملكون ثروات لا تقدر بثمن، إلا أن القلة القليلة في هذا العصر من يحافظ على ثروته فضلاً أن ينميها.
إن الذرية هي أثمن ما يمكن أن يحصل عليه إنسان، لكن واقع التربية اليوم يجعل من العسير الحفاظ على تلك الذرية رغم التسهيلات العلمية والخبرات المنقولة تراكمياً، فكيف أصبحت تربية الأبناء تحدٍ صعب لا ينجح فيه إلا القليل من الآباء والأمهات؟ وماهي تسهيلات التربية السليمة في هذا العصر وما عوائقها؟
وصلنا إلى عصرٍ يولي التربية الكثير من الاهتمام، فهنا مختصون ومرشدون تربيون، لم يسبق أن سمعنا بوظيفة مثلها في عصور سابقة، كما تنتشر مؤلفات التربية ونظرياتها وفلسفاتها المتعاقبة عبر الأزمان في معظم المكتبات، والتي وضعها مفكرون واختصاصيون تربيون، بالإضافة إلى أن وسائل التربية من قصص وتكنولوجيا وألعاب تربوية منتشرة وفي متناول الجميع. ولا يألوا الآباء الأوائل جهداً ونصحاً في توجيه الجيل الجديد من الآباء وتقديم الإرشادات والخبرات في تربية الأبناء وتأسيس تربية سليمة مبنية على أصول وثوابت دينية وتربوية راسخة، ومع ذلك أصبحت التربية الصحيحة مفهوم غائب متلاشي مع تقدم العصر عن أذهان الكثير من الآباء إلا من وفقه الله.
لم يعد أب اليوم هو من يربي فقط، فالبيئة تربي والشارع يربي والمدرسة تربي وكلهم يشارك هذا الأب تربية ابنه، لكن لنسأل أنفسنا: هل كل تربية تعتبر عملية بناء وفي الاتجاه الصحيح؟ على أن أكبر منافس للأب في تربية ابنه هذا العصر هو التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الترند هو قائد التربية وما يضع الأب من لبنة في بناء سلوك طفله إلا ونسفت التكنولوجيا عشر لبنات مقابلها وبنت ما تريد.
مالم يقود الأب مشاركيه في تربية ابنه، ويوجه الجميع في الجهة التي يريد؛ وإلا فإن الموجة ستكبر لتبتلع الجميع. ويبدأ هذا التوجيه في مع أول خطوة تربوية، حيث تبدأ التربية كما يقول الخبراء في أوقات مبكرة، "والعلم في الصغر كالنقش في الحجر"، "وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه".
.
ابحث
أضف تعليقاً