حرب غزة .. تداعياتها ومآلاتها
عقد المنتدى العالمي للوسطية اليوم الإربعاء الموافق 8/11/2023 ندوة بعنوان " حرب غزة .. تداعياتها ومآلاتها "، شارك فيها كل من الأستاذ عريب الرنتاوي، والدكتورة رلى الحروب.
وفي بداية الندوة رحب المهندس مروان الفاعوري بالمحاضرين والحضور وقال: اسمحوا لنا في البداية أن نقرأ الفاتحة على أرواح الشهداء، وقال:
قد تبدو حرب غزة اليوم حرباً صغيرة بين جماعة فلسطينية وإسرائيل، لكن الحقيقة أن حرب غزة اليوم أكبر حرب يشهدها العالم منذ عقود، فهي لم تعد مطلقاً بين طرفين، بل صارت بين قوى مختلفة، فهي حرب بين الشرفاء في هذا العالم وبين قوى الشر والوحشية و هي اليوم حرب بين أمريكا وأوروبا من جهة وروسيا والصين وشركائهما في مجموعة بريكس من جهة أخرى. وهي حرب بين إيران والخليج. وهي حرب بين المسلمين وإسرائيل وكل من يقف معها. وهي حرب غير مسبوقة بين الشعوب الغربية وحكوماتها. وهي حرب بين وسائل الإعلام الغربية ووسائل التواصل الاجتماعي التي يميل متابعوها في معظمهم في كل أنحاء العالم لصالح فلسطين. هي حرب صامتة بين الشعوب العربية الغاضبة وبعض حكامها. وهي حرب بين المتطرفين والمعتدلين داخل إسرائيل نفسها. وهي حرب بين غزة وفلسطينيي معسكر السلام. وهي حرب بين حلف التطبيع والحلف المعادي للتطبيع.
حرب غزة اليوم صارت تمثل جسد العالم إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
ما لم تحسن القوى الاستقلالية في الأمة التموضع في أماكنها الصحيحة في هذه الأوقات الحرجة واستعادت مقاليد الفعل البناء؛ فإن القوى الاستعمارية وربيبتها في المنطقة ستنقلها من (قلب الجغرافيا) إلى (مادة التأريخ)، فما بعد ٧ أكتوبر ليس كما كان قبله!
وبعد ذلك رحب بالحضور والحاضرين. ثم بدأت الدكتورة رلى الحروب كلمتها.وقالت إن المخطط الذي بدأ يعلن عن نفسه بوضوح الآن وهو استنزاف من الطرفين ومعركة عض الاصابع فحماس تلحق خسائر عسكرية فادحة بالعدو، والعدو يلحق خسائر مدنية مروعة ويجوع ويحاصر الحاضنة الشعبية للمقاومة لتضغط عليها وتدفعها للاستسلام مع الحاق بعض الخسائر العسكرية بالمقاومة التي لا تقارن بما تلحقه المقاومة من خسائر عسكرية بالعدو وهناك حرب نفسية تهدف الى اضعاف معنويات اهل غزة ومن خلفهم العرب والمسلمين ودفعهم إلى خلع سلطة حماس أو التنديد بها او توجيه اللوم لها وربما الاخبار عنها على امل الخلاص من العذاب المقيم الذي يتعرض له المدنيون، وارهاب باقي الدول العربية والاسلامية وردعها من التفكير في تحدي اسرائيل أو التصدي لها واستعادة اسطورة الردع التي هشمتها الشعوب وحماس.. يوم 7 اکتوبر. حرب تهجير فشلت حتى الآن بصمود اهل غزة الاسطوري ورفض الدول العربية مخطط التهجير، ولكننا امام نزوح داخل القطاع بكلف انسانية هائلة.
وهناك حرب تضليل إعلامي على نطاق واسع، بالأخص في اميركا والغرب يرافقها توظيف لمفاهيم الحرب الدينية والاستهداف المشترك مقابل الخلاص المشترك.
وحول أهداف الحرب من الجانب الإسرائيلي ومنها:
قالت ان الهدف هو القضاء على حماس مع تشبيهها بداعش ثم تحول الهدف إلى تفكيك منظومة حماس العسكرية والسياسية، ثم تحول الهدف إلى ان حماس لن تحكم القطاع بعد نهاية هذه الحرب بالإضافة إلى هدف برز في منتصف الحرب وهو القضاء علي يحيى السنوار من أجل خلق حالة لا يستطيع القطاع أن يشكل خطرا على اسرائيل بعدها من خلال نظام حكم امني وحرية حركة لاسرائيل مصرية ثم استعادة الرهائن والأسرى المحتجزين لدى حماس ) إذ مات منهم بالفعل حتى الآن (59) فردا.. و تشکیل شرق اوسط جديد ومختلف على مقاس العهد القديم كما صرح بذلك نتنياهو .
أما أهداف الحرب من جانب حماس فهي انتصار للاقصى في مواجهة الانتهاكات المستمرة والتصدي لإلغاء هوية المسجد الأقصى ( مخطط التقاسم ثم الاحتلال) بالمناسبة هذه هي الحرب الثامنة التي تمت دفاعا عن المسجد الأقصى وتحريرا للاسرى في السجون الإسرائيلية استباقا لضربة كانت تعتزم اسرائيل توجيهها لحماس بعد اعياد الغفران والثورة الكبرى على طريق التحرير والعودة، وقد جاء هذا الهدف في العنوان المصاحب لطوفان الاقصى من قبل محمد الضيف. ومن قبل أبو عبيدة : خطوات على طريق تحرير فلسطين، وهو العنوان الذي حمل مسميات مختلفة خلال أيام الصراع كما يظهر في عناوين فيديوهات ابو عبيدة وشعاراتها، والتأكيد على أن هذه المعركة هي بدء انكسار الدولة الصهيونية وأنها استكمال لمعركة سيف القدس ولتحضيرات امتدت منذ عام 2014.
وحول النتائج الأولية لمعركة طوفان الأقصى:
فالآثار الأولى لهذه المعركة اتضحت بالفعل، وهي بالمناسبة معركة غير متناظرة أو غير متكافئة ولكنها ما زالت حبلى بالمفاجات ومفتوحة على كل الاحتمالات وهي أن هذه الحرب حسمت عسكريا من ساعاتها الأولى لصالح المقاومة، ولكن نتائجها السياسية هي التي لم تتضح بعد بسبب تقاعس اللاعبين السياسيين في المنطقة وقد اخترقت المقاومة الجدار العازل وقيمته 2 مليار دولار في أكثر من عشرين نقطة وانتصر 1500 مقاتل من حماس على 12 ألف مقاتل من فرقة غزة وحرروا 650 كم 2 ضعف مساحة غزة واسروا اعدادا هائلة من العسكريين والمدنيين 250) تقريبا) وقتلوا اعدادا غير مسبوقة ( اسرائيل تدعى 1400 قتيل) في حين انهارت اسطورة الجيش الذي لا يقهر وسقطت نظرية الحدود الآمنة ، وانهارت نظرية الأمن الإسرائيلي بعناصرها الخمسة الحفاظ على التفوق الاستخباري وضع حاجز دفاعي معقد بحيث يستهلك الطرف الاخر الكثير من امكاناته في مغالبة الحاجز قبل ان يصل )، ولم يعد الآن امام اسرائيل الا ان تخوض حرب العصابات مع مقاتلي المقاومة بعد تحقق نصر استخباري وتكنولوجى وامني وعسكري غير مسبوق والمنتصر فصيل فلسطيني وليس دولة أو جيش ورفع للروح المعنوية العربية والإسلامية مقابل انهيار في معنويات الاسرائيليين وهلع وعدم امان وتم استبدال لسردية الهزيمة العربية بسردية انتصار مذهلة ( وهو ما حرصت اسرائيل على محوه بصور المجازر بحق المدنيين في حين لا تتوفر أي صور توثق اي انتصارات على مقاتلي حماس والمقاومة) وحدث هروب الكثير من الأسرائيليين إلى المطارات ونزح الكثير من الاسرائيليين والفلسطينيين وتحقيق خسائر اقتصادية كبيرة للطرفين في حين استعادت القضية الفلسطينية القها بين شعوب العالم وعادت للواجهة.
وفي الخلاصة قالت:
نحن امام عالم يتحول من الاحادية القطبية إلى تعددية لم تستقر ولم تحسم وما زال الصراع فيها مفتوحاً والمطلوب الآن : مراجعة مواقف النظم العربية الرسمية من التطبيع واتفاقيات السلام والعلاقة مع اسرائيل والادارة الامريكية والعلاقة مع شعوبها ومنح هذه الشعوب حكما ديمقراطيا يعيد لهذه الانظمة المقدرة على مواجهة الضغوطات الاستعمارية الغربية، لأن النصر العسكري والاستخباري والامني الذي حققته حماس لا ينبغي ان تضيعه النظم السياسية العربية الرسمية، ويجب أن يكون المقدمة لتحرير فلسطين واسقاط الاحتلال ومعه كل قوى الهيمنة والاستعمار لا سيما وان المشروع الصهيوني يحمل في طياته بذور وفاته سواء من حيث محدودية المشروعية او محدودية الديموغرافيا او محدودية الفكرة، وهي فكرة غير قابلة للحياة لانها إلغائية، وعقلية القلعة ومواصلة بناء الجدر العازلة والقرى المحصنة لم تنفعه ولن تنفعه في السنوات المقبلة، فقد بدأت لعنة انهيار هذا الكيان وعوامل الانهيار في تعاظم وتكاثر والمطلوب ان لا تمد النظم العربية الرسمية له حبل النجاة.
أما الاستاذ عريب الرنتاوي قال: أشكر المنتدى العالمي للوسطية على عقد هذه الندوة، وأن الحرب اليوم في يومها الثاني والثلاثين والتوقع بما يمكن ان تفعله الدول الإقليمية في هذه الحرب.
والزلزال قد حصل وضرب اسرائيل والمعرفة السياسية والنقاش يدور حول التحركات السياسية التي يمكن أن تكون، مع أن القرار الدولي بشطب حماس قد اتخذ ومن قرر هذا الأمر هو الإدارة الأمريكية بشكل واضح وكل الحملة ضد حماس كانت تمهد لمثل هذا القرار الذي أراد لحماس أن تهزم بحملة عسكرية إسرائيلية وبشراكة عسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
أما ميدانياً فأرارادوا كسر ظهر حماس وتجويع الشعب الفلسطيني، وقال: إن المقاومة دائماً تقاوم بدم شعبها الفلسطيني وتقاتل به والشعب يقدم دمه رخيصاً في سبيل ذلك.
أما الشق السياسي، فيتضح من خطة اسرائيل الاستخبارية التي تقوم بضرورة تهجير الشعب الفلسطيني، ففي بداية الحرب جاء بلينكن كرسول إلى المنطقة ثم بدأ التراجع الأمريكي بعد الصمود الأسطوري.
والأمر الثاني هو دفع حماس للاستسلام كما كانت المقاومة في بيروت والاختلاف بين .. واضح، فبيروت كانت منفى أما غزة فهي وطن وشتان بين من يقاتل في وطنها ومن يقاتل في المنفى وقال ان الشباب في غزة يعيشون بمزاج الحرب وهم يبذلون جهدهم في سبيل المقاومة .
وهناك كثرة من العرب ينتظرون بفارغ الصبر الانتهاء من حماس وهم الانظمة، بينما الشعوب فهم عكس ذلك، فما يمكن أن ينتج هو ثورات شعبية عربية تشبه الربيع العربي وقال إن الانقلابات في المشهد العالمي يتنوع في مواقف الرأي العام العالمي، فالولايات المتحدة الأمريكية أصبح لها موقفاً آخر بشكل المعركة ومدتها وأهدافها فالجدل الأمريكي الآن مثلاً حول قرار وقف اطلاق النار.
وقال: كان يكفي أن يقوم الرئيس أبو مازن بتشكيل حكومة طوارئ تتعامل مع هذه المعركة كقيادة للمنظمة .
وحول امكانية دخول حزب الله قال، لقد قدم حزب الله أكثر من 60 شهيداً لكن هذا الجهد المقدم لا يمكن أن ينقذ غزة وهنا يجب أن نحصر الإحتمالات حول من يريد أن يدخل الحرب، فسوريا لم ولن تدخل الحرب وقال ان حسم المعركة ميدانياً حول العمل العسكري، أما سياسياً فلابد من الاعتراف بأن الحرب على غزة أعطت غزة بعداً دولياً جعلها في مقدمة الأحداث الدولية.
وقال أن صفوف الشهداء هي ضريبة الحرية فلا أرض تحررت إلا بمزيد من الشهداء، وفي نهاية المحاضرة ذكر الفاعوري أن حرب غزة حركت ضمائر كل الشرفاء في هذا العالم.
وفي نهاية الندوة أجاب المحاضران على أسئلة الحضور.
ابحث
أضف تعليقاً