wasateah
المنتدى العالمي للوسطية
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً
عدد الزوار page counter
هل فشل الاسلاميون وانتهى زمن الاسلام السياسي؟؟

 

هل فشل الإسلاميون وانتهى زمن الإسلام السياسي ؟؟؟

بقلم : د. محمد يتيم

 

                                  - 1  

 

سؤال يتكرر : هل فشل الإسلاميون وانهار مشروعهم ؟ ذاك ما يتمناه خصومهم ويستدرج القول به إسلاميون غاضبون من تنظيماتهم أو تنظيماتهم غاضبة منهم .. إسلاميون متربصون ينتظرون انقلابا أو تزوير ا في الانتخابات كي يصرخوا :ألم نقلها لكم !! معتبرين أن نقمتهم على تنظيماتهم أو إبعادهم ديمقراطيا عن المسؤولية هو المشكلة الكبرى ... وأن زمن صعود نجم التنظيمات سياسيا هم أسبابه وأن التاريخ قد " انتقم لهم وأنصفهم !!!

 

                                        - 2-

 

يخطئ من يحكم على عقيدة أو فكرة أو مشروع إصلاح بالفشل بسبب عدم استجابة مجتمع ما لها أو مواجهتها من قبل خصوم الإصلاح وحتى من الغالبة الغالبية من مجتمع معين 

ولو كان ذلك صحيحا لاعتبر عدد من الأنبياء والمصلحين الكبار في التاريخ فاشلين ، والأمر أنه كم من نبيء قتل وكم من مصلح ابتلي ولاقى الصمود والإعراض من قومه !!

وفي مجال الحياة السياسية المعاصرة التي يتم التحاكم فيها إلى منطق التداول السياسي والآليات الديمقراطية ، فإن انحسار تنظيم حزبي أو تيار سياسي لا يلزم منه ضرورة هزيمة للفكرة أو المشروع الفكري والسياسي الذي يحمله ويبشر به !!

هو منطق التداول على السلطة الذى هو من أبدع ما أنتج الفكر السياسي الحديث .ومن مستلزمات الاعتراف للفائز ديمقراطيا وتهنئه 

وينطبق هذا بطبيعة الحال في الحالة التي يتعلق فيها الأمر بممارسة ديمقراطية حقيقية لا تتدخل فيها قوى محكمة في العملية الديمقراطية وليس في الحالة التي تخرق فيها قواعد تلك العملية 

                                     

                                         - 3-

واختصار قد تضيق مسالك العمل السياسي وتنهك لأسباب تتعلق بهشاشة التجربة الديمقراطية لبلد ما .. وقد تخضع الأحزاب والدول لمنطق التداول صعودا وهبوطا ..

ولكن تبقى العقيدة والفكرة..ويبقى عنصر الاستبصار الديني كما يقول ابن خلدون الذي سرعان ما تقوم على أساسه شرعية اجتماعية فتقوم دورة جديدة من الإصلاح أو دولة جديدة ..بالمعنى الخلدوني.. 

 

                                          - 4 -

الذين يتحدثون عن ما يسمونه بفشل "الإسلام السياسي " بسبب التراجع الانتخابي - مع العلم أنه في تجارب من قبيل تركيا حقق نجاحا باهرا - هم فريقان :

 فريق لا يؤمن بالمشاركة السياسية وبالتدافع من داخل المؤسسات ... وهؤلاء قد ينطقون صامتين: لقد قلنا لكم إن هذا الطريق مسدود ... والصيحة فيه صيحة في واد .

  والثغرة الكبيرة في منطق هؤلاء أنهم لا يدركون رسالة المصلح ودوره وهو الدور الذي يتمثل في إقامة الحجة وإبراء الذمة ؛ والاجتهاد من أجل الإصلاح حسب الوسع والاستطاعة ..

   منطق هؤلاء سياسي أكثر من منطق السياسين .. ويتعارص مع منطق الأنبياء وحملة الرسالة الذين تتمثل وظيفتهم في تبليغ الرسالة وإقامة الحجة وإبراء الذمة ..بل إنهم يلتقون مع خصوم الحركات الإسلامية الذين يتصدرون من منافسة الأحزاب ذات المرجعية زنزولها إلى ميدانهم ..وأمنيتهم لو بقوا مستغلين بالجدل الكلامي في قضايا تاريخية قتلت بحثا ..

  من يتحدث عن الفشل السياسي للأحزاب والحركات ذات المرجعية الإسلامية هم أبعد عن منطق تلك المرجعية ومنهجها النبوي في الإصلاح .. فالانبياؤ لم تكلل كل تجاربهم الإصلاحية بالنجاح ومهمتهم الأساسية كانت تبرئة الذمة وإقامة الحجة ....

أما الفريب الثاني فهم السياسيون العلمانيون وهؤلاء إنما ينفسون عن أنفسهم لأن قضيتهم ليس مع مشروع سياسي بل قضيتهم مع منهج كامل للعمل يستمد مفرداته وأهدافه من المرجعية الإسلامية 

             . ..        

                                       - 5-  

    واختصارا فقد تضيق مسالك العمل السياسي و تنهك لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية .. وقد تخضع الأحزاب والدول لمنطق التداول صعودا وهبوطا .  

ولكن تبقى العقيدة والفكرة ؛ ويبقى عنصر الاستبصار الديني بتعبير ابن خلدون الذي سرعان ما تعضده منعة وشرعية اجتماعية جديدة أو متجددة ، فتقوم دورة جديدة من الإصلاح .. أو دولة جديدة بالمعنى الخلدوني !!

فالعصبية أو التنظيم أو القبيلة وكل أشكال الاستناد وأشكال الشرعية الاجتماعية لا يمكن لوحدها أن تبني دولة أو حضارة أو أمة دون فكرة ودون عقيدة او استبصار ديني بتعبير ابن خلدون !!

تتجدد الدول والتنظيمات بتجدد الافكار من جهة وبتجدد الهمة النضالية .. لكنها وتشيخ بشيخوختها الفكرية وتخبو بخبو إرادتها النضالية..

  والإرادة هي أولا فكرة في الرأس والصمود هو اولا وقبل كل شيء فكرة في الرأس .. والخوف كما يقول جمال الدين الأفغاني فكرة في الرأس ..كما أن الهزيمة هي فكرة في الرأس .. وشعور في النفس .. يعصفان بالإرادة ويمهدان للهزيمة قبل أن تتحولا إلى أمر واقع..

 

 التنظيمات والحركات التي تقودها قيادات مضطربة فكريا ومهزومة نفسيا هي السبب الأول في الهزيمة 

فالاصلاح همة و إرادة لقوله تعالى :" إن أريد إلا الإصلاح ما استعت وما توفيقيي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنبيب". (1)

والمهم أن يبرئ فيه المصلح ذمته ويقوم فيه ما في وسعه واستطاعته ...

                                         -6-

وأخيرا وليس آخرا يبدو أن للقضية وجها آخر ألا وهو فقر في الثقافة الديمقراطية ... التي تقوم على الإقرار بنتائج العملية الانتخابية والاعتراف بالهزيمة .. هذا إذا كانت العملية الانتخابية ديمقراطية وسليمة ...

 ومن باب أولى اعتبار تحديات المشاركة السياسية في أوضاع غير ديمقراطية أنا أعرف هشاشة ديمقراطية .. وتقدير التصرف السياسي الملائم لأوضاع الهشاشة تلك!!

ففي هذه الحالة تسهم المشاركة السياسية في إبراز عورات الوضع السياسي.. .. ويصبح من الأولويات النضال من أجل دمقرطة الحياة السياسية ... وهو طريق شاق وطويل يحتاج لوعي تأريخي ووضوح في نظرية العمل !!

أضف تعليقاً

تتم مراجعة كافة التعليقات ، وتنشر في حال الموافقة عليها فقط ، ويحتفظ موقع المنتدى العالمي للوسطية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ولأي سبب كان ، ولن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة أو خروجاً عن الموضوع المطروح ، وأن يتضمن اسماء أية شخصيات أو يتناول إثارة للنعرات الطائفية والمذهبية أو العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث أنها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع المنتدى العالمي للوسطية علماً ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط.

Filtered HTML

  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Allowed HTML tags: <a> <em> <strong> <cite> <blockquote> <code> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd>
  • Lines and paragraphs break automatically.

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.