wasateah
المنتدى العالمي للوسطية
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً
عدد الزوار page counter
الفن والجمال وأثره في بناء الانسان.. في المنتدى العالمي للوسطية
الاثنين, December 23, 2024

أقام المنتدى العالمي للوسطي ندوه اليوم الاثنين الموافق 23/12/2024 في مقره، بعنوان الفن والجمال وأثره في بناء الانسان، شارك فيها كل من الاستاذ الدكتور عبد الله ابراهيم زيد الكيلاني والاستاذ الدكتور مازن عصفور.

 وفي بداية الندوة رحب المهندس مروان الفاعوري الامين العام للمنتدى بالمحاضرين والحضور وقال:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الرسول الذي بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 يسعدني ويشرفني أن أرحب بكم في هذه الندوة القيمة التي ينظمها المنتدى العالمي الوسطيه بعنوان " الفن والجمال واثره وفي بناء الانسان " وهو موضوع ذو أهمية بالغة في العصر الحديث إذ نلتقي اليوم مع نخبة من العلماء والمفكرين في هذا المجال حيث يشاركنا في هذه الجلسة العلمية كل من الاستاذ الدكتور عبد الله الكيلاني وهو غني عن التعريف، وسيحدثنا عن الفن والجمال في القرآن الكريم، والاستاذ الدكتور مازن عصفور الاستاذ من الجامعة الاردنية الذي تقلد اكثر من موقع اكاديمي، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات داخل الاردن وخارجه، حيث سيحدثنا عن أثر الفن والجمال في صياغة الانسان، قد تشوه الحروب مظاهر القتل الوحشي قيم الجمال ونجرح معاني الخير في النفس البشرية، لذا كانت ندوتنا.

ياااا أحبابنا

سامحونااااا فنحن الإسلاميين (إخوان، سلفيين، .. إلخ) نشأنا وتربينا عقوداً على تحريم وتجريم الفن والغِناء، والرسم، والموسيقى، والرقص وحتى الرياضة والضحك والأناشيد (غير الجهادية) واستخدام الدُّف كنا نخضعها للاجتهاد والاستفتاء، وكم اختلفنا في ذلك.

نحن الإسلاميين (خاصة بين الستينات والتسعينات) تربينا على الجهاد، والجد والاجتهاد، ومحاربة الأفكار الدخيلة وفي مقدمتها الإلحاد والاستغراب.

 

فاعذرونا في هذا الزمن إن وجدتم أحدنا لا يزال جامداً ومتأثراً بتلك المرحلة ولم يُخضع أفكاره وعاداته وقناعاته للتقييم والتقويم والتحديث وِفق "موجبات تغيير الفتوى" واعتقد أن مبدأ "الثبات" الذي تربى عليه عقوداً يعني الجمود والتصلُّب ورفض الجديد والتجديد.

 

إن الفن والجمال لهما تأثير عميق في بناء الإنسان وتطوره النفسي والاجتماعي والثقافي. من خلال:

1. تنمية الوعي والإبداع:

يساعد الفن والجمال على تعزيز التفكير الإبداعي والخيال، وأي إبداع أكثر مما أبعه أهل غزة أدى إلى تطوير قدرات الإنسان على الابتكار وحل المشكلات وتحدي الاحتلال رغم الحصار، يفتح الأفق أمام الإنسان لرؤية الأمور من زوايا مختلفة.

2. الارتقاء بالروح والمعنويات:

يعمل الفن والجمال على تهذيب الروح وتقوية المشاعر الإيجابية مثل السعادة، والهدوء، والتأمل.

ويساهم في تخفيف الضغوط النفسية من خلال توفير وسيلة للتعبير عن المشاعر والأفكار بطريقة جميلة ومُرضية.

 

3. تعزيز الهوية الثقافية والانتماء:

ويربط الفن الإنسان بجذوره الثقافية والاجتماعية، مما يعزز هويته وانتماءه لمجتمعه.

ويعكس الوان الحضارات المختلفة مثلما يعمل كوسيلة للحفاظ على التراث بكافة أشكاله ومكوناته.

4. تعزيز القيم الإنسانية:

ينقل الفن رسائل أخلاقية وإنسانية تساعد في بناء شخصية أكثر توازنًا وتفهمًا للآخرين.

يبرز قيم الحب، التسامح، والتعاون، مما يعزز العلاقات الإنسانية.

 

5. تحفيز الحس الجمالي:

يساعد التعرض للجمال في الطبيعة أو في الأعمال الفنية على تنمية الذوق الجمالي، مما يجعل الإنسان أكثر حساسية لتقدير التفاصيل الجميلة في الحياة اليومية.

6. التواصل والتفاهم:

يعمل الفن كوسيلة للتواصل بين الثقافات المختلفة، مما يساهم في بناء جسور التفاهم والسلام بين الشعوب.

كما يتيح للإنسان التعبير عن ذاته بطرق قد لا تكون ممكنة بالكلمات.

إن الفن والجمال ليسا مجرد زينة للحياة، بل هما عنصران أساسيان في تكوين الإنسان من الداخل، حيث يفتحان أمامه آفاقًا جديدة للعيش بتوازن وسعادة.

 

إن الفنون تجعلنا نرى العلم من زوايا متعددة وتساعدنا على تصحيح مواقفنا وتطوير ذاتنا، ولا شك أن هذه الندوه ستكون فرصة ثمينة لتبادل الآراء والخبرات والأفكار حول دور الجمال والفنون في تكوين الانسان المتوازن الذي يجمع بين العقل والقلب وبين الروح والجسد والابداع والحكمة.

"من لم يحركه الربيع وأزهاره والعود وأوتاره أو الطير وألحانه فهو فاسد الطبع واجب علاجه".

" أبو حامد الغزالي"

 

لذا أرجو أن تكون هذه الندوة مصدر الهام للجميع وأن تساهم في فتح آفاق جديدة في التفكير حول كيفية تعزيز الجمال في حياتنا اليومية ومدى تأثيره على تشكيل شخصيتنا وهويتنا الثقافية واتمنى لهذه الندوة أن تكون متميزة ومليئة بالفائدة المرجوة.

 وأترك المجال الآن للمحاضرين الكريمين .

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

 

ثم تحدث الاستاذ الدكتور عبد الله الكيلاني وقال: 

كنت قد قرأت وأنا في مرحلة البكالوريوس عبارة للأستاذ محمد المبارك يقول فيها إن تذوق الجمال في اللوحات الفنية يحتاج إلى شارح يعمل على تنميته كما يحلل الناقدُ القصيدةَ ويكشف عن جوانب الجمال فيها ويحلل الأديب النص الأدبي للكشف عن جوانب من الجمال فإن الفنان يحلل جوانب الفن في تدرج الألوان وفي المعاني التي استلهمها الرسام حين استلهم رسمته واقتبس من كلام الدكتور عصفور قوله إن الفنان المسلم حين استخدم ما يعرف بالتعشيق وهو نوع من التراص في الإشكال الفنية في الزخرفة كان يستلهم قوله تعالى : "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بينان مرصوص " فجاءت اللوحة متراصة .كما يمكن أن اضيف أن الفن الإسلامي انعكست فيه معاني الآيات:" يا إيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " فجاء الفن الإسلامي نتاج تراكم خبرات امتدت من شاطئ المتوسط إلى المحيط الهندي 

وقد تكلم عدد من فلاسفة الإسلام عن الجمال، فالجمال الحقيقي هو جمال صفات الله تعالى وأن كل ما في الكون من تجليات صفات الله تعالى، وهذا ما تلحظه في قوله تعالى :" ان ربكم لرؤوف رحيم" بعد أن ذكر نعمة الأنعام وما فيها من حمل للاثقال وجمال للمنظر 

وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) 

وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ 

أي أن تسخير الدواب من تجليات صفة الرؤوف والرحيم

 ومن هنا ربط فلاسفة بين الجمال والحق والخير وكل جميل هو انعكاس من آثار جمال المصور 

حين نقرأ قوله تعالى في وصف الأنعام " والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمالٌ حين تُريحون وحين تسرحون" النحل 5-6 ثم نرجع إلى التفسير فإننا نتذوق جوانب من الجمال حيث بدأ بصورة الأنعام وهي عائدة من المرعى في العشي وهذا معنى تريحون وختم بتسرحون وهو انطلاق الراعي صباحاً يسرح في غنمه 

وقد نبه المفسرون إلى النكتة الجمالية في بداية الآية بالجمال عند العودة لأنها ترجع ممتلئة الضرع تحمل البشرى بنعم وفيرة فتكون لها بهجة كبهجة رنة رسالة الهاتف حين يعطيك رسالة تم تحويل مبلغ إلى رصيدك 

الحضور الكريم :يثير التفاعل بين الفنون الجميلة ومقاصد القرآن الكريم تساؤلات جوهرية حول طبيعة الجمال في الإسلام ودوره في تشكيل السلوك الإنساني. إذ تسعى هذه الدراسة إلى استكشاف هذه العلاقة، وتحديد مدى إسهام الفن في تحقيق المقاصد القرآنية، وذلك من خلال تحليل النصوص الدينية والفلسفية، ودراسة تجليات الفن الإسلامي على مر العصور.

ولهذا الموضوع أهمية خاصة من جهة الارتقاء بالذوق وتنمية القدرة على التذوق لجوانب الجمال بما يحمل على فعل الجميل وكما يقول مولانا: الجميل يجذب الجميل، اقرأوا إن شئتم" الطيبات للطيبين "

1. توظيف القرآنِ الجمالَ في الكون للاستدلال على الخالق وإدماج ذلك بالامتنان بالنعمة 

والدارس للآيات القرآنية كما في سورة "ق" يجد توظيف الجمال للاستدلال على الخالق وإدماج ذلك بالامتنان بالنعمة، كما في وصف السماء ثم الأرض " أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج" وفي عبارة فوقهم نكتة جمالية أي أن النظر لا يحتاج منك إلا إلى رفع رأسك وحين يرفع الرأس ينظر نظر المتأمل لا نظر من الف النعم فلم يعد يراها بسبب طول الإلف . فيحمل النظر على إدراك العظمة كيف بنيناها وزيناها وتأمل كيف يدمج القرآن الاستدلال على عظمة الخالق بالامتنان بالنعمة " كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج" ثم ينتقل للحديث عن الأرض :

"والأرض مددناها ، وانبتنا فيها من كل زوج بهيج " ولم يقل أفلم ينظروا إلى الأرض لأنها منظورة أمامه وفي الاستدلال يذكر بعد السماء تقويةٌ الاستدلال على دقة صنع الله وادماج الامتنان عليهم بجمال الخلق الذي يثير البهجة في النفوس

والبهيج على وزن فعيل أي الذي يثير البهجة وهي السعادة والشعور بالجمال 

وجوانب البهجة في النبات متنوعة من حيث جمال الصورة و تأثير النباتات على النفس، كالتقليل من التوتر والقلق وزيادة الإحساس بالهدوء والسكينة

وفي تنوع النباتات دليل على الإبداع الإلهي، بما فيه تنوع الألوان والأشكال والروائح المختلفة التي تبعث على السرور

وقد لفت القرآن إلى هذه الجوانب في تصويره للنخل: والنخل باسقات لها طلع نضيد والباسقات هي الشاهقات الطوال والنضيد المتراص 

وفي قوله صنوان وغير صنوان، والصنوان من النخل الذي يتفرع إلى نخلتين أو الرمان والتين فهي الأصول المجتمعة في منبت واحد 

وقد وظف هذا القرآن الصور الجميلة للدلالة على عظيم النظام وجماله 

وكما امتن الله تعالى على عباده بما أودع من صور جميلة في السماء "وزيناها بزينة الكواكب" امتن أيضا بما جعل في الخيل والبغال من جمال ذاتي وبما أودع في البحار من حلية نستخرجها 

"وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) 

2. النظر إلى العالم بعين التقدير والشعور بالمسؤولية والاستلهام من الطبيعة 

والامتنان بالنعمة دليل على مشروعية القصد إليها 

وقرر علماء المقاصد أن الامتنان بالنعمة دليل مشروعية القصد اليها فالامتنان بجمال الأنعام وزينة الدواب دليل على مشروعية التنعم بالصور الجميلة التي تدخل البهجة على النفوس 

كان من الآثار الإيجابية للآيات السابقة الدعوة إلى تأمل في الجمال وفي الكون رؤية المسلم للعالم من حوله بعين التقدير والجمال: تقدير نعم الله والإحساس بالمسؤولية تجاه الخلق. والاستلهام من الطبيعة فاستوحوا من الطبيعة روائع فنية تعكس عظمة الخالق وقدرته. مما أدى إلى ظهور فن إسلامي متميز يتميز بالجمال والانسجام.

فحين تأمل الفنان المسلم في الآية القرآنية :أفلا ينظرون إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج " 

أخذ الفنان المسلم من قبة السماء القباب والخطوط التي كتب بها أسماء الله الحسنى كما استلهم من النبات الزخرفة فيما عرف بالأرابيسك 

كما دفعت هذه الآية العلماء المسلمين إلى دراسة الفلك والنجوم، مما أدى إلى اكتشافات علمية هامة، وظهر ذلك في العديد من الخرائط السماوية والزخارف الفلكية التي تزين المساجد والقصور.

   * وفي جانب العمارة: استلهم المسلمون من جمال السماء في تصميم المساجد والقصور، فاستخدموا قبابًا عالية وزخارف نجمية تعكس روعة السماء.

   * وفي جانب الفنون التشكيلية: ظهرت العديد من الأعمال الفنية التي تصور السماء والنجوم، مثل الخط العربي الذي يكتب به أسماء الله الحسنى، إذ ظهرت العديد من الأعمال الفنية التي تصور النباتات والزهور، مثل الفسيفساء والزخارف الخشبية.

كما دفعت هذه الآية المسلمين إلى الاهتمام بالحدائق والتصميم العمراني، فبنوا حدائق جميلة مليئة بالنباتات والأشجار، واستخدموا الزخارف النباتية في تزيين المباني.

   والسجاد والمنسوجات: استوحي العديد من أنماط السجاد والمنسوجات من جمال النباتات والزهور.

وقد استلهم المعماري المسلم صور الجمال وقدم مفهوماً جديداً من خلال الخط والزخرفة ورسم النبات ليتجاوز المدرسة الواقعية التي كانت مرآة للطبيعة إلى ابتكارات صور جميلة فيما عرف بفن الأرابيسك .

• شمول مفهوم الجمال لجمال الأخلاق والخلق :

"لا يقتصر مفهوم الجمال في القرآن الكريم على الشكل الظاهري للأشياء، بل يتعداه إلى ما هو أعمق وأشمل. فالله تعالى يصف الجنة بأنها دار النعيم الأبدي، حيث يجد المؤمنون كل ما يشتهيه القلب والروح من جمال. يقول تعالى: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ". هذا الجمال ليس جمالًا شكليًا فحسب، بل هو ثمرة أعمال صالحة وأقوال طيبة. إن التأمل في جمال الخلق يؤدي بنا إلى تقدير نعم الله والإحساس بالمسؤولية تجاه خلقه، مما يدفعنا إلى فعل الخير والابتعاد عن الشر. وهكذا، فإن الجمال في الإسلام ليس مجرد زينة، بل هو أسلوب حياة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالإيمان والأخلاق. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جميل يحب الجمال". 

وحين ذكر نساء الجنة كان الجمال الأخلاقي والخلقي يترادفان، وقد يبدأ بالأخلاقي مثل قاصرات الطرف عين 

وقد يبدأ بالخلقي مثل حور مقصورات في الخيام 

فالوصف بقاصرات الطرف جمال خُلقي أي انها لا تمد عينها لغير زوجها والوصف بالعين جمال خلقي من سعة الأعين 

 

• أهمية الفن والجمال في خدمة الدعوة 

تنبه الفنان المسلم إلى أهمية عرض الفكرة الجميلة بأداء جميل مستلهمين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "مروا بلال فليؤذن" فلإنه أندى صوتا، كما ظهرت فنون في الأداء الصوتي والمدائح والموشحات وقد لقيت تشجيعا بالدعوة إلى التحبير والثناء على صوت ابن مسعود الذي أوتي مزمارا من مزامير داود 

 

• الربط بين الجمال والوظيفة وإنكار العبث الفني 

نبه الفلاسفة قديما إلى أن بعض صور الجمال يكمن في تصوير الفكرة بأداء جميل وتنسب هذه الفكرة إلى سقراط 

وقد تكون الفكرة صالحة أو فاسدة ومن هنا تأتي أهمية العقلانية في نقد الجمال والتنبه للجمال الذاتي والجمال الذي يغلف الفكرة السيئة لتسويقها .

وتلحظ أن القرآن حين يمتن بالنعمة يربط بين الوظيفة وتلبية الحاجة وتنمية الذوق كما في قوله تعالى في الآيات السابقة :" "وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً" فقد قرن بين الزينة والانتقال حتى لا تكون الزينة مقصودة لذاتها أو تصبح شكلا من العبث 

• الصلة بين العبث والبطش 

يلحظ الدارس انتقاد القرآن الكريم لجوانب من الفن العابث الذي لم يرتبط بوظيفته 

كما في انتقاد القرآن الكريم للأقوام السابقة : أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) 

فالانتقاد هنا لأن الجمال لم يكن مرتبطا بوظيفة بل لمجرد العبث ومن اللافت الارتباط بين هذا البذخ العابث وبين البطش والجبروت 

 

3. النهي عن التلويث البصري 

وقد أكد الحديث النبوي أهمية الابتعاد عن التلويث البصري في الحديث : 

ولكنها تقر عين الحي ومناسبة الحديث يوم دفن إبراهيم ابن النبي محمد "ورأى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فُرجةً في الَّلبِنِ فأمر بها تُسدُّ فقيل للنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : أما إنها لا تضرُّ ولا تنفعُ ولكنها تقرُّ عينَ الحيِّ وإنَّ العبدَ إذا عمل عملًا أحبَّ اللهُ أن يُتقنَه" والحديث في الطبقات الكبرى لابن سعد عن الواقدي ذكره الألباني في السلسلة الصحيحة وانتقده الشراح 

 

ختاما أشكر مرة أخرى حسن استماعكم وارجو لكم حياة جميلة

وأختم بحديث ان الله جميل يحب الجمال." رواه مسلم. 

لله سبحانه الجمال والكمال المطلق: جمال ذاته، وجمال صفاته، وجمال ولايته ورعايته وكفايته لمن اخلص له العبادة.

ويحب من عباده جمال الهيئة، والسلوك، وقلة التعرض بالحاجات للخلق والعفاف عمن سواه.

والاكمل في حق العباد أن يكون تخلقهم بالجمال راتبا، أي ثابتا دائما

اللهم وفقنا لأحسن الأخلاق واجملها وأدخلنا في ولايتك الخاصة لعبادك الصالحين.

 

أما الاستاذ الدكتور مازن عصفور:

فقد أكد على أهمية التفريق بين أنواع الفن مثل High Art وLow Art، وسلط الضوء على دور الفن في تعزيز الصحة النفسية والاجتماعية والإبداعية، إلى جانب قدرته على توثيق التراث الثقافي وتأصيل القيم الإنسانية.

وتناول أثر الفن في حياة الإنسان، ووضح كيف يمكن للفن أن يساعد في التعبير عن المشاعر وتخفيف التوتر، مما يعزز الشعور بالراحة والسلام الداخلي. كما أشار إلى دور الفن في تقوية الروابط الاجتماعية وبناء مجتمعات متماسكة من خلال الأنشطة الفنية المشتركة. وبيّن أيضًا كيف يشجع الفن على التفكير الإبداعي واستكشاف الأفكار الجديدة، مما يسهم في الابتكار والتميز.. وفي سياق المحاضرة ولغاية رصد ابرز حالات اسهامات الفن في تشكيل الانسان من كافة النواحي ،عرض الدكتور عصفور محطات موجزة لتطور الفنون عبر التاريخ، بدءًا من رسومات الكهوف التي عبرت عن الحياة اليومية، مرورًا بالفنون الفرعونية التي ركزت على فكرة الخلود وتثبيت الأسطورة و تقديس الملوك، والفنون الإغريقية والرومانية التي سعت لتحقيق المثالية الجمالية وتأكيد مفاهيم القوة والبطولة، وصولًا إلى العصور الوسطى حيث ركزت الفنون على القيم الروحية والدينية. كما سلط الضوء على عصر النهضة الذي دمج بين العلم والفن، وفترة التنوير التي عززت قيم العدالة والمساواة، ثم الحركات الحداثية التي عكست تحولات كبرى في الفكر الإنساني إثر الثورات الصناعية والعلمية التي افرزت تحولات جوهرية في دور الفن والجمال في تشكيل وبناء شخصية الفرد ..

 وختم الدكتور عصفور محاضرته بالحديث عن تحديات العصر الرقمي وتأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على الفن مستعرضا اهم التحولات التي شهدتها الفنون مع ظهور الفن الرقمي. وأكد على ضرورة استعادة دور الفن في تعزيز قيم الجمال والخير والعدالة، ومواجهة تحديات التشتت الفكري وثقافة التفاهة التي أصبحت مهيمنة في بعض المجتمعات المعاصرة..

وفي نهاية الندوة أجاب المحاضران على أسئلة الحضور ومداخلاتهم.

أضف تعليقاً

تتم مراجعة كافة التعليقات ، وتنشر في حال الموافقة عليها فقط ، ويحتفظ موقع المنتدى العالمي للوسطية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ولأي سبب كان ، ولن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة أو خروجاً عن الموضوع المطروح ، وأن يتضمن اسماء أية شخصيات أو يتناول إثارة للنعرات الطائفية والمذهبية أو العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث أنها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع المنتدى العالمي للوسطية علماً ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط.

Filtered HTML

  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Allowed HTML tags: <a> <em> <strong> <cite> <blockquote> <code> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd>
  • Lines and paragraphs break automatically.

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.